03‏/03‏/2012

النور المقدس - النار المقدسة

النور المقدس - النار المقدسة



في يوم سبت النور (السبت الذي يسبق مباشرة عيد القيامة) يخرج نور عظيم من قبر الرب يسوع المسيح بكنيسة القيامة بأورشليم، هذا النور يضئ شموع زوار الكنيسة، يضيئها في شكل رائع جدير بالمشاهدة .. ويتحول بعدها إلى نار  .. تعالوا نقرأ معاً تفاصيل هذه المعجزة العظيمة و الشواهد التي تبرهن على صحتها ومعجزة انشقاق عمودين مختلفين في كنيسة القيامة ..

وصف المعجزة :  
1- تحضير القبر المقدس :
في صباح يوم سبت النور وقبل مراسم خروج النور المقدس من قبر الرب يسوع المسيح، يتم فحص القبر و التأكد من عدم وجود أي سبب بشرى لهذه المعجزة، يبدأ الفحص في 10:00 وينتهي في 11:00 صباحاً، وبعد التأكد من خلو القبر المقدس من أي مادة مسببة لهذه المعجزة، يتم وضع ختم من العسل الممزوج بالشمع على باب القبر .(أنظر الصورة)

2- خروج النور المقدس :
تحدث مراسم النور المقدّس في 12:00 وتتكون من ثلاث مراحل: .الصلاة والتمجيد ، دخول الأسقف في القبر المقدس ، صلوات البطريرك طالباً من الرب أن يخرج النور المقدس .
يدخل بطريرك أورشليم (القدس) للروم الأرثوذكس ومعه رؤساء الأساقفة والكهنة والشمامسة وبطريرك الأرمن .
تضرب الأجراس بحزن حتى يدخل البطريرك و يجلس على الكرسي البابوي، وتتجمع الطوائف المسيحية من أرمن و أقباط أرثوذكس ثم يدخل الجميع أمام القبر و يظل القبر مُقفل ومختوم، يقوم بطريرك الروم الأرثوذكس بالدخول إلى القبر، قبل أن يدخل إلى القبر يتم تفتيشه للتأكد من عدم وجود أي مصدر للنار أو النور معه ويخلع الملابس السوداء ويقف بالملابس البيضاء، ويكون هذا التفتيش على يد كل من حاكم القدس ومدير شرطة القدس وهم بالطبع (غير مسيحيين) بجانب آخرين من الكهنة، ويتم هذا التفتيش أمام الجميع. ثم يدخل البطريرك في القبر المقدس، وهو يحمل شمعة مطفأة.
ومن حقوق الأقباط أنهم في احتفالات النور المقدس التي تقام في سبت النور فإنهم يدورون حول القبر المقدس ثلاث دورات وذلك بعد الروم والأرمن وهم ينشدون ألحانهم القبطية الشهيرة ويتكرر هذا الاحتفال مرة ثانية في الساعة الرابعة من صباح (فجر) أحد الفصح . 2
 
3- كيف يخرج النور المقدّس:
داخل القبر المقدس، يصلّي بطريرك الروم الأرثوذكس وهو راكعاً ويذكر الطلبات الخاصّة التي تطلب سيّدنا يسوع المسيح أن يرسل نوره المقدّس. ويغلف المكان سكون وصمت شديد لآن الجميع يترقب خروج النور.. بعد صلاة البطريرك يسمع الحاضرين صوت صفيراً ويخرج برق أزرق وأبيض من الضوء المقدّس يخترق من كل المكان، كما لو أن ملايين الومضات الفوتوغرافية تعانق الحاضرين وتنعكس على الحيطان وتضئ كلّ الشموع من هذا النور. في القبر المقدس يخرج النور ويضئ الشمعة التي يحملها البطريرك. ويبدأ الحاضرين في الهتافات والصلاة بينما تنساب دموع البهجة والإيمان من عيون الناس .
صورة حقيقية توضح انسياب خطوط من النور و التحامها بالشموع ليخرج الضوء من الشموع (2004) 3   

المعجزتان العظيمتان :
المعجزة الأولى :
معجزة النار المقدّسة ، القدس، 1549 م :
دفع جماعة من الأرمن الأغنياء إلى السلطان العثماني و حاكم مدينة القدس مبالغ مالية ضخمة كرشوة لكي يخلوا الكنيسة من المسيحيين الأرثوذكس سكان القدس الفقراء، للأسف المال هو الشيطان الذي يعمى العقول، ووافق بالطبع حاكم مدينة القدس والسلطان العثماني على مطلبهم، وأخلوا الكنيسة من الحجاج المسيحيين وسكان القدس الأصليين، ودخل الأرمن الأغنياء إلى الكنيسة وأغلقوا الأبواب على أنفسهم وجلس عامة الشعب خارج الكنيسة وأمامهم جنود الجيش التركي يمنعوهم من الدخول .. ومرت الدقائق كالساعات، لا يقطعها إلا صلوات الأرمن الأغنياء داخل الكنيسة وبكاء عامة الشعب والحجاج خارجها، فأملهم الوحيد هو مشاهدة النور المقدس الذي ينبعث من قبر السيد المسيح وها هم قد مُنعوا منه، وجاء موعد انطلاق النور .. ولم يحدث شئ داخل الكنيسة .. أخذ يصلى الأرمن بداخل الكنيسة .. ولكن بلا استجابة، وهنا أعلن السيد المسيح أن رسالته إلى خدامه وأبنائه المتواضعين .. فخرج النور يشق العمود الشمالي للكنيسة ويغرق كل الحاضرين خارج الكنيسة، وأمن العديد من المسلمين من رجال الجيش التركي ولعل أبرزهم هو الجندي (عُمر) الذي كان يحرس بوابة دير القديس إبراهيم فصرخ مردداً "أؤمن بالله واحد .. يسوع المسيح .. أنه الدين الصحيح" وسقط من أعلى البوابة من ارتفاع أكثر من 35 قدم ، فهبطت أقدامه على الرخام الصلب و لكنه أمتص سقوطه وكأنه شمع .. فغرزت رجل الجندي وهو كان يردد عبارات الأيمان ..و انطبعت أثار أقدام الجندي في الرخام .
بل انه أخذ سلاحه ودفعه في الحجارة كما لو أن في الشمع الناعم، وبدأ بتمجيد السيد المسيح بشكل متواصل. وهذه القطعة من الرخام موجودة حتى اليوم وتستطيع أن تشاهدها، بل وتتحسسها بيدك لتتأكد من أن الله لا يترك نفسه بلا شاهد، وكان العقاب من الأتراك المسلمين لهذا الجندي المرتد عن الإسلام هو قطع رأسه وإحراق جسده وقد تم، و قد جمع المؤمنين رفات هذا الجندي وكفنوها ووضعوها بدير القديس باناجيا العظيم (Panagia) حيث يخرج عطر من رفات الجندي عُمر المتنصر إلى يومنا هذا .. وظل العمود المشقوق (صورته بالأعلى) دليلاً على أن الله لا يترك نفسه بلا شاهد وأن هذه المعجزة حقيقية .
هناك مصادر أخرى تشير أن هذه المعجزة قد حدثت بعد التاريخ المحدد أعلى، حوالي سنة 1579، إلا أن أكثر من مرجع قد أشار إلى تاريخ المعجزة سنة 1549، على أي حال تاريخ حدوث هذه المعجزة يرجع إلى القرن السادس عشر (??15) . 4
وقد شاهد هذه المعجزة العظيمة مؤذن مسلم سنة 1579 في عهد السلطان مراد وآمن بالمسيح وترك الإسلام :
A Moslem Muezzin, called Tounom, who saw the miraculous event from an adjacent mosque, immediately abandoned the Moslem religion and became an Orthodox Christian. This event took place in 1579 under Sultan Mourad IV 5

         
Another Story : The Agarino's Emir was watching from the minaret across the street. When he saw these events he cried out: "The faith of the Christians is great! One is the real God, the God of Christians! I believe in Christ the resurrected from the dead. I kneel to him as my God". After his consent he jumped from the minaret but he wasn’t hurt. The Muslims captured him and decapitated him. His relic is kept until today in the Monastery of the Great Virgin in Jerusalem. 6

المعجزة الثانية المذكورة في السنكسار :
مكتوب في سيرة حياة القديس القبطي الأنبا صرابامون أبو طرحة تحت يوم ( 28 برمهات) :
"حادثة النور في القدس الشريف فقد حدث أن الأمير إبراهيم باشا نجل محمد علي باشا بعد أن فتح بيت المقدس والشام سنة 1832 م أنه دعا البابا بطرس السابع لزيارة القدس الشريف ومباشرة خدمة ظهور النور في يوم سبت الفرح من قبر السيد المسيح بأورشليم كما يفعل بطاركة الروم في كل سنة، فلبي البابا الدعوة ولما وصل فلسطين قوبل بكل حفاوة وإكرام ودخل مدينة القدس بموكب كبير واحتفال فخم اشترك فيه الوالي والحكام ورؤساء الطوائف المسيحية .
ولما رأي بحكمته أن انفراده بالخدمة علي القبر المقدس يترتب عليه عداوة بين القبط والروم اعتذر للباشا لإعفائه من هذه الخدمة فطلب إليه أن يشترك مع بطريرك الروم – علي أن يكون هو ثالثهم لأنه كان يرتاب في حقيقة النور. وفي يوم سبت النور غصت كنيسة القيامة بالجماهير حتى ضاقت بالمصلين فأمر الباشا بإخراج الشعب خارجا بالفناء الكبير. ولما حان وقت الصلاة دخل البطريركان مع الباشا إلى القبر المقدس وبدأت الصلاة المعتادة. وفي الوقت المعين انبثق النور من القبر بحالة ارتعب منها الباشا وصار في حالة ذهول فأسعفه البابا بطرس حتى أفاق. أما الشعب الذي في الخارج فكانوا أسعد حظا ممن كانوا بداخل الكنيسة فان أحد أعمدة باب القيامة الغربي انشق وظهر لهم منه النور، وقد زادت هذه الحادثة مركز البابا بطرس هيبة واحتراما لدي الباشا وقام قداسته بإصلاحات كبيرة في كنيسة القيامة ."
و هذه صورة المعجزة ، صورة العمود المشقوق الموجود بكنسية القيامة حتى اليوم :

ومن الواضح أن الصورة الثانية تختلف عن الصورة الأولى، فشكل الأعمدة مختلف تماماً وكلاً من العمودين موجود بكنسية القيامة .

أقدم شهادة بصحة حدوث معجزة النار المقدسة  :
أشار القديس جرجس النسكى (حوالى 394 م) فى كتاباته  إلى أن القديس بطرس الرسول قد شاهد حدوث هذه المعجزة سنة 34 م 7
شهادة المسلمين :
شهد العديد من المسلمين لحادثة النار المقدسة، وكالعادة حاولوا نقد هذه المعجزة والهروب من عظمتها والادعاء بأنها مجرد خدعة يقوم بها النصارى ..
1- شهادة الجاحظ (834 م - 255 هـ)8 : أشار الجاحظ في كتابه "الحيوان" إلى معجزة النار المقدسة وأنتقدها.

2- المؤرخ العربي المسعودى9 كان شاهد عيان على حقيقة حدوث المعجزة و قد أشار لها في أحد مجلداته التاريخية، فقد سافر إلى القدس سنة  926 وقال أنه في اليوم السابق لعيد القيامة عند المسيحيين اجتمعوا (المسيحيين) من كل الأنحاء في القبر المقدس وقد نزلت النار من السماء وأشعلت شموع الكنيسة وشموع الحاضرين فيها .

3- في سنة 1187 بعدما أخذ المسلمون القدس تحت قيادة صلاح الدين الأيوبي، قرر صلاح الدين في هذه السنة أن يحضر احتفال المسيحيين بعيد القيامة، على الرغم من كونه مسلم إلا  أنه ذهب إلى الكنيسة يوم سبت النور، يخبرنا جاوتير فينيسوف10 "عند وصول صلاح الدين الأيوبي نزلت النار من السماء تضئ شموع الكنيسة، وبدأ مساعديه في التحرك من الخوف .. وابتدأ المسيحيون في تمجيد الله، المسلمين قالوا بأن النار سببها خدعة .. لذلك مسك صلاح الدين شمعة اشتعلت من النار التي نزلت من السماء، وحاول أن يطفئ هذه الشمعة، كلما أطفأها انطلقت النار المقدسة منها مرة أخرى.. مرة ثم مرة أخرى ثم مرة ثالثة، حتى أيقن أنها معجزة .. فأنهار وبكى وهو يقول (نعم، قريبا سأموت، أو أنا سأفقد القدس) وقد تحقق كلامه ومات في مات الصوم الكبير التالي"

4- شهادة أحمد بن علي المقريزي في كتابه "اتعاظ الحنفا"11 الفصل الثاني وتحت سنة ثمان وتسعين وثلثمائة كتب يقول: "فإذا كان يوم الفصح واجتمع النصارى بقمامة ونصبت الصلبان وعلقت القناديل في المذبح تحيلوا في إيصال النار إليه بدهن البيلسان مع دهن الزئبق فيحدث له ضياء ساطع يظن من يراه أنها نار نزلت من السماء‏"، هاهو المقريزي يشهد على حدوث المعجزة ولكنه يحاول أن يجعلها خدعة يقوم بها المسيحيون، ولكن الأدلة تدحض أفتراءات المقريزى .

5- يذكر المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار"12 - الجزء الرابع - تحت عنوان جامع آق سنقر: "وصارت المملكة كلها من أحوال الجيوش وأمور الأموال وغيرها متعلقة بالفخر إلى أن غضب عليه السلطان ونكبه وصادره على أربعمائة ألف درهم نقرة وولى وظيفة نظر الشيخ قطب الدين موسى بن شيخ السلامية ثم رضي عن الفخر وأمر بإعادة ما أخذ منه من المال إليه وهو أربعمائة ألف درهم نقرة فامتنع وقال‏:‏ أنا خرجت عنها للسلطان فليبين بها جامعًا وبنى بها الجامع الناصريّ المعروف الآن بالجامع الجديد خارج مدينة مصر بموردة الحلفاء وزار مرّة القدس وعبر كنيسة قمامة فسُمع وهو يقول عندما رأى الضوء بها‏:‏ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا‏.‏" (لاحظ أن كنيسة القيامة قد أطلق عليها المسلمون فى مراجعهم التاريخية قمامة ..  –

6- البيرونى (حوالى 1000 م) كتب : "اطفأ المسيحيون مصابيحهم وظلوا فى أنتظار النار التى تنزل و تضئ شموعهم .. هذه النار تضى الشموع فى الكنائس و المساجد (!) .. وقد تم كتابة تقرير إلى الخليفة " إلى أخره ، أيضاً "الحاكم أحضر سلكا نحاسيا بدلا من فتيل الشموع، معتقداً ان النور لن يحدث لآنه لن يضئ النحاس ! لكن المعجزة حدثت و النار سطعت و أذابت النحاس " :
Muslim historian al-Biruni, 1000 The Christians have extinguished their lamps and torches already prior to this and wait, until they see a pure white fire, which causes a lamp to ignite. From this fire, the lamps in the mosques and in the churches are lit. Then a report is written to the Caliph about the time, at which the fire descended. If it occurred soon after the noon hour, a fertile year is expected, but if it is delayed until the evening or later, then an infertile one is expected. The same source also tells that a governor brought a copper wire instead of a wick, in order that it won't ignite and the whole thing would fail to occur. But as the fire descended, the copper burned. The descent of this fire from above on a day, which recurs after a specified time span, gives us occasion to be astounded..Krachkovsky I. Y. "Holy Fire" according narration of al-Biruni and other muslim writers of X-XIII c. - Christian East. V. 3. Ed. 3. 1915 (in Russian). Chronology of the Muslim scholar Al-Biruni (973 - 1048). Al Biruni / In the Garden of Science / Reklam - Leipzig 1991. English translation. 13

7- وقد ذكر المسلمون معجزة حدثت فى كنيسة القيامة فوق قبر السيد المسيح، فيذكر المقريزى فى كتابه "المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار" 14 - الجزء الرابع - تحت عنوان دخول قبط مصر في دين النصرانية : "ولما قام قسطنطين بن قسطنطين في الملك بعد أبيه غلبت مقالة آريوسيين على القسطنطينية وأنطاكية والإسكندرية وصار أكثر أهل الإسكندرية وأرض مصر اَريوسيين ومنانيين واستولوا على ما بها من الكنائس ومال الملك إلى رأيهم وحمل الناس عليه ثم رجع عنه وزعم ابريس أسقف القدس أنه ظهر من السماء على القبر الذي بكنيسة القيامة شبه صليب من نور في يوم عيد العنصرة لعشرة أيام من شهر أيار في الساعة الثالثة من النهار حتى غلب نوره على نور الشمس ورآه جميع أهل القدس عيانًا فأقام فوق القبر عدة ساعات والناس تشاهده فآمن يومئذٍ من اليهود وغيرهم عدّة آلاف كثيرة‏.‏"